ميقاتي والخروج الناصع من غبار الأزمة
بقلم عدنان الحاج (جريدة السفير 1/7/2005)
دخل الرئيس نجيب ميقاتي الى رئاسة الحكومة في ظروف صعبة ممزوجة بمجموعة من الاحداث الملبدة بالسواد، بعد كارثة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولكنه خرج منها ناصعاً نظيفاً ملبياً كل التعهدات التي تضمّنها البيان الوزاري المقتضب لفترة انتقالية مختصرة، فكان رئيس الحكومة شبه الوحيد الذي نفّذ مضمون بيانه وتخطّاه إلى بعض الهموم الاقتصادية والإفراج عن بعض المشاريع في وسط بيروت التي نشطت أسهم سوليدير وبعض الاسهم المصرفية ناهيك عن القرار الخاص بإعطاء كهرباء لبنان سلفات لتغطية فروقات أسعار المحروقات تلافياً لكارثة كبيرة في التيار الكهربائي.
كما نجح في إجراء الانتخابات في مواعيدها، وفي التعاون مع لجنة التحقيق الدولية، ومفاوضة المستثمرين من العرب وبعض الصناديق لإحياء صيف لبنان وإطلاق بعض الورش لتنشيط السياحة برغم الظروف وكلها أمور لم تكن سهلة لولا مصداقية الحكومة والتزام رئيسها بتعهداته في البيان الوزاري ومتابعته لكل التفاصيل لإنجاح المهمة.
لقد ضحى الرئيس ميقاتي بالنيابة وقبلها بالوزارة للمساهمة مع رفاقه في إخراج البلاد من مرحلة دقيقة صعبت معها إمكانية التفاوض الداخلي بين اهل السياسة وشكل نقطة تلاقٍ بين الغالبية من المتخاصمين، موالاة ومعارضة، كما نقطة تقاطع إقليمية دولية، وكان الأداء على حجم الاختيار والاختبار للرئيس ميقاتي بشهادة العديد من المرجعيات السياسية وفي مقدمتهم رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وفي مرحلة تصعب فيها الشهادات لأحد.
ولم يختصر ميقاتي دوره بالأداء الداخلي بل توجّه الى الامم المتحدة ومؤتمر البرازيل ليؤكد موقف لبنان من القرار 1559 بما يحمي المقاومة والتأكيد على ان قضية سلاح حزب الله هي قضية لبنانية داخلية.
وقد اتسع الوقت أمام ميقاتي في الولاية المختصرة ليتحرّك باتجاه الدول المانحة والبنك الدولي ليؤكد على مساعدة لبنان في الوقت الذي كانت الانتخابات النيابية تُخاض بلا برامج اقتصادية أو اجتماعية من اية لائحة او مرشح او رئيس كتلة. كما عمل على إعداد خطة فيها من العناوين ما يؤسس لحوار وطني حول الإصلاحات الاقتصادية والمالية، قبل الذهاب الى طلب مساعدة الآخرين، وهو اعتبر ان على لبنان أن ينجز فرضه قبل ان يتقدّم للأمتحان امام الدول المانحة وهذا فيه الكثير من الواقعية.
في رأينا أن نجيب ميقاتي نجح في منظور الناس وكسب ثقة وموقعاً يفوق حجم النيابة او الوزارة في هذه المرحلة.

